Home انت هنا:
أهداف الحوار حول الإنتاجية


من أهم أهداف الحوار حول الإنتاجية أن تصبح الإنتاجية على المدى البعيد هي الهدف الوحيد الذي يرتبط به تحسن مستوى العيش كليا مع قدرة الاقتصاد على الترفيع في حجم الإنتاج للعامل الواحد. إن الترفيع في الإنتاجية هو السبيل الأمثل لضمان نمو متواصل وتحسن مستمر لمستوى العيش. لهذا تبدو الإنتاجية ضرورة ملحة خاصة بالنسبة لاقتصاد متفتح ومندمج في محيطه الخارجي مثل الاقتصاد التونسي وهو ما يملي الحرص على دفع النمو والتقليص في نسبة البطالة وتحسين المقدرة الشرائية وتوسيع الطبقة الوسطى. إن الإنتاجية في تونس قد سجلت تحسنا متواصلا وتتنامى مساهمتها في النمو بفضل مختلف الإصلاحات التي تم إدخالها لإضفاء المزيد من النجاعة على دواليب الاقتصاد ومختلف البرامج التي تم تنفيذها لتقليص التكلفة وتأهيل وحدات الإنتاج على غرار برنامج التأهيل وبرنامج الاقتصاد في الطاقة وتحسين الجودة وغيرها.



التعريف بالحوار الوطني حول الإنتاجية:

يمثل القرار الرئاسي بتنظيم استشارة وطنية حول الإنتاجية أهمية قصوى في هذه المرحلة لوضع برنامج متكامل وإستراتيجية واضحة المعالم في مجال الإنتاجية وان هذه الاستشارة هي بمثابة الحوار لمعرفة الأفكار والخروج بمقترحات عملية من شانها تحسين منظومة الإنتاجية أمام تفتح الاقتصاد التونسي على العالم واشتداد المنافسة والمزاحمة مع الدول الاقتصادية الكبرى، لقد تطور القطاع الفلاحي وكذلك الصناعة في تونس وأمكن تحقيق إنتاجية معتبرة، لكن يبقى المجال كبيرا لتحسين الإنتاجية في مختلف القطاعات. ولا بد من بذل مزيد الجهود في مراكز البحث وفي المدارس الفلاحية والتكوين المختص والاعتقاد أن الطريق مازالت طويلة.

إن بعض المعدلات والأرقام العالمية تتطلب الاعتناء أكثر بمستوى الإنتاجية، ويكفي القول أن فالإنتاجية اليوم في تونس تتراوح بين 20٪ و40٪ حسب القطاعات. كما أن كلفة النقل تمثل 20٪ من التكلفة العامة، في حين هذه الكلفة في العالم لا تزيد عن 10٪.، إلى جانب تأخير إسناد الرخص، والتداخل الإداري وركود البضاعة في مواقع الشحن والتعبئة وتعطل صرف الأموال وغيرها، تعتبر من المواضيع الهامة التي يطرحها موضوع الإنتاجية في تونس. واليوم هناك برنامج كامل في هذه المسألة للوصول إلى هدف معين وتحقيق الوفاق التام بين جميع الأطراف المتدخلة والمعنية بتحسين الإنتاجية.

من هنا يمكن إعطاء تعريف واضح وموحد لمفهوم الإنتاجية يتمثل في تحسين محيط العمل من آلات ووسائل وأساليب والتغلب على العوائق والتنظيم وتثمين وقت العمل ومواجهة الظروف المناخية. إن الإنتاجية عملية متكاملة لا تستثني أي جانب في جميع القطاعات للحصول على جودة عالية للمنتوج وكذلك تحقيق مردود قياسي في العمل والعطاء والإنتاج في أي مجال وفي أي قطاع.

إن الإنتاجية تتسم بطابعها الفني إذ يقع احتسابها على أسس علمية، كما يستوجب تحليلها وتدقيق محدداتها ومعرفة مصادر تطويرها القيام بأشغال فنية موضوعية، وهي تتضمن كذلك أبعادا اقتصادية واجتماعية باعتبار أهمية جملة من العناصر على غرار المنافسة والحوار داخل المؤسسة والشفافية والتكوين وتقليص التغيب عن العمل فضلا عن نجاعة السياسات الرامية إلى تحسين المحيط الخارجي للمؤسسة، وبالتالي فإن تحسين الإنتاجية مسؤولية كل الأطراف من مؤسسة وإدارة وجماعات محلية وعمال وغيرهم. ومن هذا المنطلق سيمكن الحوار من مزيد التعمق في هذه المسائل وتحديد المسؤوليات والتوصل إلى ميثاق وطني حول الإنتاجية يكون ملزما لكل الأطراف الاجتماعية بما يمكن من تحسين هذه الإنتاجية بصفة ملحوظة وهو ما يضمن في نفس الوقت مرابيح هامة للمؤسسات وتكثيف إحداثيات الشغل والترفيع في الأجور مع ضمان مواصلة تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

وقد وقع الاعتماد على منهجية علمية، خاصة فيما يتعلق بالمعطيات حول الإنتاجية وتدقيق محدداتها، تتوخى منهجية ميدانية للاطلاع على تجارب ناجحة في تونس وفي الخارج وسوف يتم استدعاء بعض المؤسسات من تونس ومن الخارج (فرنسا، فنلندا، سنغافورة وكوريا) للاستماع إليها والوقوف عند أهم المعطيات والظروف التي تعيشها وكذلك واقعها اليوم أمام التحولات الاقتصادية العالمية. كما سيتم الاعتماد على التقنيات الحديثة للاتصال بإحداث موقع واب خاص بهذا الحوار الوطني حول الإنتاجية حتى يتسنى مساهمة أكبر عدد ممكن من الأطراف المعنية بهذا الحوار مع الحرص على أن يواكب الإعلام بكل وسائله مختلف مراحل هذا الحوار والإعداد له وتنظيم منابر حوار في الوسائل السمعية والبصرية وغيرها. كذلك سيتم العمل على نشر ثقافة الإنتاجية خاصة على مستوى المدارس والمعاهد وفي المؤسسات.

إن الإنتاجية متصلة أساسا بمحيط المؤسسة وتنظيم أساليب العمل والتجديد وحسن توظيف التقنيات الحديثة للاتصال والإعلام مع ضرورة إضافة عنصر مهم وهو توزيع بعض من أرباح المؤسسات على العمّال والإطارات وهو عنصر فعّال لمزيد النهوض بالإنتاجية.

لقد انطلقت اللجنة الفنية المصغرة في إعداد التقارير حول الإنتاجية وسيتم استدعاء مؤسسة تونسية أو أجنبية مقيمة في تونس للاستماع إليها كل أسبوع. وفي شهر أفريل ستجتمع اللجنة الوطنية لتدارس التقارير وتنظيم لقاءات إقليمية في مختلف مناطق البلاد وكذلك تنظيم أول جولة للحوار الوطني حول الإنتاجية، أما في شهر ماي القادم فستجتمع اللجان الفنية للتعمق في المواضيع المطروحة على مستوى الجولة الأولى للحوار وإعداد ميثاق وطني مع إمكانية إمضائه من قبل كل الأطراف المعنية.

لقد تحسنت الإنتاجية بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي لتنحصر في حدود 23٪ بالنسبة للقطاعات المتفتحة على الخارج، بينما تبلغ 63٪ بالنسبة للقطاعات المحمية و40٪ بالنسبة لقطاعات الخدمات وهو ما يعني أن هناك هامشا كبيرا لمزيد تحسين الإنتاجية وذلك من خلال مواصلة تحرير الخدمات وتعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي.

وهناك عوامل عديدة تستدعي تحسين الإنتاجية مثل ظهور اختصاصات أخرى في الاقتصاد والتكنولوجيا واقتصاد المعرفة. كذلك ضرورة التعامل مع الإنتاجية في مفهومها العام وكذلك في مفهوم المؤسسة ومزيد الانفتاح على الأسواق الجديدة خصوصا في آسيا ودعم منظومة التصدير وتحسين الأجور باستمرار وتوفير مواطن الشغل والاستفادة من كل ما يمكن أن يتحقق من وراء تحسين الإنتاجية.

والآن وقد انطلقت أعمال اللجنة الوطنية التي تضم ممثلين عن الوزارات والكفاءات الوطنية ويتمثل دورها الأساسي في تنظيم الحوار الوطني حول الإنتاجية وهي تضم حوالي 70 عضوا، وهناك لجنة فنية أخرى تضم 6 أعضاء، لا بد من العمل على تحسين مستوى الإنتاجية وتحقيق مؤشرات هامة فيها من خلال الابتكار والتجديد والتعامل بطرق تكنولوجية جديدة، وهنا الحديث يشمل القطاع العام والقطاع الخاص على حد السواء. وسيتم خلال لجنة الحوار الوطني حوصلة الأعمال وتقديم مسودة اقتراحات في الندوة الوطنية المزمع عقدها في شهر جوان المقبل بحضور مختلف الأحزاب والمنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني لخروج بميثاق وطني حول الإنتاجية. وسيتم الاستئناس في أعمال اللجنة الوطنية بمختلف دراسات المقارنة والتقارير الدولية في مجال الإنتاجية.